رشيد الركراك : على هامش مقترحات الأحزاب السياسية لانتخابات 2021

3 أغسطس 2020
رشيد الركراك : على هامش مقترحات الأحزاب السياسية لانتخابات 2021

مما لا شك فيه أن المغرب يمر من مرحلة دقيقة وتحديات داخلية وخارجية فرضتها جائحة كورونا أو ما يسمى بفيروس كوفيد 19، شأنه شأن جميع دول العالم دون استثناء، الأمر الذي يستدعي وجوبا تقوية الدولة الوطنية الديمقراطية، بمؤسساتها السياسية والدستورية والمنتخبة، وتقوية الأدوار الدستورية للأحزاب السياسية، وفي هذا السياق وفور إعلان السيد وزير الداخلية عبد الوافي لفتيت خلال اللقاء الذي جمعه بالسادة الأمناء العامين ورؤساء الأحزاب السياسية الممثلة في البرلمان يوم الأربعاء 08 يوليوز 2020، عن أن سنة 2021 ستكون سنة انتخابية بامتياز، وسيتم خلال السنة المقبلة تجديد كافة المؤسسات المنتخبة الوطنية والمحلية والمهنية، من مجالس جماعية ومجالس إقليمية ومجالس جهوية وغرف مهنية، وانتخابات ممثلي المأجورين، ثم مجلسي البرلمان وذلك انسجانا مع روح دستور المملكة ومضمون نصوصه ولا سيما الفصول 62 و63 و135، فتح باب النقاش العمومي حول طرق الإعداد الجيد للاستحقاقات الانتخابية المقبلة بمختلف أنواعها، وانطلاق ورش المشاورات بين الأحزاب حول هذه الاستحقاقات من أجل تكريس توافق يمكن من مواصلة وتعزيز الإصلاحات السياسية التي باشرتها المملكة، وإضفاء دينامية جديدة على العمل السياسي والمؤسسات السياسية، بما يستجيب لتطلعات المواطنات والمواطنين.

فهل ستكون الأحزاب السياسية ونخبها في مستوى دستور المملكة؟ وهل ستعمل هذه القوانين بعد تحديثها على رفع منسوب الثقة في المؤسسات المنتخبة، وتجنب تدني الاهتمام بالسياسة؟ وتشجيع الانخراط في العمل السياسي خصوصا من طرف الشباب؟

لقد فرضت الظرفية الاستثنائية الحالية فتح النقاش حول الانتخابات المقبلة مبكرا، بهدف اتخاذ التدابير اللازمة لإجرائها في مناخ يسوده التنافس الشريف بين جميع الأحزاب السياسية ويحقق المساواة وتكافؤ الفرص بين المترشحين والهيئات الحزبية، والعمل على ترسيخ ثقة المواطن في صناديق الاقتراع والمؤسسات التمثيلية التي تفرزها وامتصاص تداعيات الأزمة الاقتصادية والاجتماعية التي أفرزتها الظرفية الحالية، وفي هذا السياق بادرت مجموعة من الأحزاب إلى تقديم مقترحاتها وتصورها حول الانتخابات المقبلة والقوانين المنظمة لها، حيث جاءت بعض أهم هذه المقترحات للأحزاب الأكثر تمثيلية كما يلي:

حزب العدالة والتنمية:

إجراء الانتخابات الجماعية والجهوية والمهنية والانتخابات التشريعية في فترتين زمنيتين منفصلتين.

التوافق على جدولة زمنية واضحة لمختلف الاستحقاقات.

الحسم في تعديل النصوص التشريعية والتنظيمية المؤطرة للانتخابات

إصلاح الإطار التشريعي لانتخابات الغرف المهنية.

وعلى مستوى النظام الانتخابي يقترح الحزب مراجعة شاملة للوائح الانتخابية الحالية، وتوسيع نمط الاقتراح باللائحة وفق أكبر بقية واعتماد عتبة 6% مع تطوير نظام تدبير الانتخابات بشكل يعزز مبدأ النزاهة.

تدقيق الحالات المبطلة للانتخابات بسبب حضور المقدسات والرموز الوطنية.

التصريح بمصاريف الحملات الانتخابية لدى المجلس الأعلى للحسابات والمجالس الجهوية التابعة له.

فتح مشاورات مركزية ومحلية حول تقليص فوراق نسب التمثيل الانتخابي بين الدوائر والجماعات.

وعلى مستوى اللائحة الوطنية يقترح الحزب الإبقاء على اللائحة الوطنية بصيغتها الحالية وتحفيز ترشيح الشباب والنساء في اللوائح المحلية.

وعلى مستوى تمثيل مغاربة العالم بمجلس النواب اقترح الحزب تمكين هؤلاء من التصويت في بلدان الإقامة مع اعتماد لائحة وطنية لتعزيز نسبة تمثيلهم بالمجلس.

أما بالنسبة لحزب الأصالة والمعاصرة وحزب الاستقلال وحزب التقدم والاشتراكية فقد تقدمت بمذكرة مشتركة، تتضمن مقدمة سياسية قوية بهدف إحداث انفراج سياسي وإعادة الثقة للمواطنات والمواطنين في العمل السياسي عموما والانتخابات على وجه الخصوص، وقد بنيت هذه المقترحات على مرتكزين اثنين: الأول بالإصلاحات السياسية والديمقراطية، بينما يهم الثاني إصلاح المنظومة القانونية المنظمة للانتخابات، وفي هذا الصدد جاءت أهم مقترحات أحزاب المعارضة كما يلي:

إعادة النظر في قانون الأحزاب السياسية

التفعيل السريع لتوجيهات الملك، الواردة في خطابه السامي بمناسبة افتتاح السنة التشريعية لسنة 2018، والرامية إلى الرفع من الدعم العمومي الموجه للأحزاب قصد مواكبة الهيئات السياسية وتحفيز العمل السياسي، وتخصيص جزء منه للكفاءات الحزبية في مجال التفكير والابتكار.

الحفاظ على نظام الاقتراع المزدوج “أحادي- لائحي” بحسب عدد السكان.

توحید العتبة الانتخابية والمالیة في 3 في المائة في حين أن حزب الأصالة والمعاصرة يقترح حذف العتبة الانتخابية نهائيا.

عوض اللائحة الوطنية للشباب اقترحت الأحزاب الثلاثة تعويض هذه الأخيرة.

التنصيص القانوني على تمثيلية النساء في مجالس العمالات والأقاليم والغرف المهنية.

اقتصار حق الترشح لرئاسة الجماعات على وكلاء اللوائح الأربعة الأولى من أجل تقوية مصداقية العملية الانتخابية وإعطاء المعنى الديمقراطي للانتخابات، واحترام إرادة الناخبين.

تكوين مكاتب المجالس الجماعية المنتخبة داخل أجل 7 أيام تبتدئ من تاريخ الإعلان عن النتائج.

غير أن أغرب مقترح للأحزاب الأصالة والمعاصرة والتقدم والاشتراكية وحزب الاستقلال هو ما جاء في مقترحهم الثلاثي باعتبار التصويت شرطا ترجيحيا عند تساوي المرشحين في الولوج إلى الوظيفة العمومية أو التعيين في المناصب العليا، وللاستفادة من الخدمات والبرامج الاجتماعية، كالسكن الاجتماعي، الإنعاش الوطني، الدعم والتكافل الاجتماعي وهو أمر غير دستوري ما دام أنه يخالف بشكل مطلق مقتضيات المادة 31 من دستور 2011.

وبالنسبة لحزب للاتحاد الاشتراكي فقد تقدم باقتراح 10 مقترحات أساسية تتضمن 44 إجراء رئيسيا لتنظيم الانتخابات ولعل أهمهما:

اعتماد البطاقة الوطنية وثيقة وحيدة للتسجيل في اللوائح الانتخابية، واعتبارها أساس العمليات الانتخابية، مع التسجيل التلقائي لكل الشباب الذين سيكونون سنة 2021 قد بلغوا من العمر 18 سنة.

السماح للأجانب بالتصويت.

توسيع تمثيلية النساء والشباب من خلال اعتماد آليات ملائمة تمكن من العمل بلوائح جهوية تؤسس على عدد الناخبين في كل جهة، مع زيادة 30 مقعدا للنساء أقل من 40 سنة واعتماد لوائح متكافئة بين النساء والشباب بصفة تراتبية، وتعميم اللائحة الإضافية على الجماعة برمتها بدل تركيزها في دائرة واحدة من الدوائر الانتخابية، وتوسيع حالات التنافي للتمكن من عدم الجمع بين المسؤوليات الانتدابية المتعددة، تشمل جميع المسؤوليات التمثيلية لتمتد فضلا عن رئاسة المجالس إلى العضوية في مكاتبها أو رئاسة اللجان.

تقليص مدة الحملة الانتخابية، وإعادة النظر في التقطيع الانتخابي.

تغيير يوم إجراء الاقتراع بجعل يوم الاقتراع يوم الأربعاء يوم إجراء الانتخابات عوض يوم الجمعة وإجراء الانتخابات الجماعية والجهوية والتشريعية خلال يوم واحد، واحتساب المعامل الانتخابي على أساس الأصوات العامة المعبر عنها أثناء عملية الاقتراع، بما في ذلك الأصوات الملغاة، وتوسيع نمط الاقتراع الفردي بالنسبة للجماعات الترابية التي يبلغ عدد سكانها 70 ألف نسمة.

من خلال ما ذكر أعلاه يتضح أن مقترحات الأحزاب الأكثر تمثيلية بالبرلمان لامست إلى حد بعيد نبض الشارع، مما يشير حتما إلى كون حرارة صيف سنة 2021 ستكون استثنائية فرضتها تداعيات جائحة فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19)، وبأن الدولة ستكون مضطرة للاستجابة لمجموعة من التعديلات على مستوى القوانين المنظمة للانتخابات حتى يتم فتح الطريق لضح دماء جديدة وفسح المجال أمام نخب شابة لولوج عالم السياسة قصد امتصاص الاحتقان السوسيو-اقتصادي ومحاولة الخروج من هذه الأزمة غير المتوقعة بأقل الأضرار والخسائر، وفي هذا الصدد لا نملك إلا أن نذكر بأن خطابات جلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده حريصة طيلة السنوات الماضية على دعوة الفاعل السياسي إلى ضرورة العمل على استقطاب نخب جديدة، وتعبئة الشباب للانخراط في العمل السياسي حيث جاء في الخطاب السامي الذي وجهه جلالته لنواب الأمة بمناسبة افتتاح الدورة الخريفية للبرلمان ما يلي: “إننا حريصون على مواكبة الهيئات السياسية، وتحفيزها على تجديد أساليب عملها، بما يساهم في الرفع من مستوى الأداء الحزبي ومن جودة التشريعات والسياسات العمومية”، قبل أن يضيف “ندعو للرفع من الدعم العمومي للأحزاب، مع تخصيص جزء منه لفائدة الكفاءات التي توظفها، في مجالات التفكير والتحليل والابتكار”.

رشيد الركراك

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

باستمراركم في تصفح هذا الموقع، نعتبر أنكم موافقون على استخدامنا لملفات تعريف الارتباط "الكوكيز" أو التقنيات الأخرى المماثلة لها والتي تتيح قياس نسب المتابعة وتقترح عليكم خاصيات تشغيل ذات صلة بمواقع التواصل الاجتماعي أو محتويات أخرى أو إعلانات قائمة على خياراتكم الشخصية

موافق
WP2Social Auto Publish Powered By : XYZScripts.com