أصدرت جماعة العدل والإحسان تقريرها السنوي حول الواقع الثقافي بالمغرب خلال سنة 2019 على غرار مجموعة من التقارير التي تصدرها الجماعة المذكورة في مختلف المجالات
وحسب تقرير جماعة العدل والإحسان فهذه الأخيرة وقفت على ملامح السياسة الثقافية -إن وجدت- على حد قولهم وعلاقتها بالهوية الوطنية، من خلال أحداث وقضايا طبعت “المغرب الثقافي” في سنة 2019، ولا شك أنها طفت على السطح، وسيكون لها أثرها في الذاكرة الحية لأبناء المجتمع المغربي”.
وحسب التقرير دائما الذي توصلت جريدة “20دقيقة” بنسخة منه أن هوية المغاربة تعرضت عبر سنوات للهجمات والاختراقات وما تزال، وأخذت سنة 2019 نصيبها من تشديد الهجوم على الهوية الثقافية المغربية، وتبلور ذلك عبر عدة أشكال منها، المهرجانات الثقافية حيث انتهت سنة 2019واستُقبلت سنة 2020 بحفلة لـ “عبدة الشياطين” بمنطقة “أفركط” بإقليم كلميم، الذي “ينظم بشكل سنوي”. متسائلا عمن رخص لهذا النشاط؟ ومن وراءه من “مهندسي” زراعة الدمار الشامل في عقول المراهقين؟.
وأضاف التقرير أنه يلاحظ أن ثمة سعي حثيث، على أكثر من صعيد، إلى استدماج العري والانحلال ليكونا جزءا من الثقافة والتراث والفن، بل صلبه وجوهره، واستدعاء رموز الميوعة للاحتفاء بهم على حساب المفقرين المهمشين الذين يموتون جوعا وبردا في قرى المغرب المنسي وجباله من جهة، وعلى حساب مجموعات وفنانين مغاربة أصلاء مبدعين من جهة ثانية.
وأشار التقرير إلى غياب استراتيجية واضحة تمكن المغاربة من الاستفادة من هذه المهرجانات، بما في ذلك التأطير الثقافي وتنمية الحس الجمالي وتهذيب الذوق العام، والإسهام في الاندماج الثقافي إلا أن “الفرجة” و”التنفيس” عن فئات واسعة من المجتمع المصاحب بترسيخ “قيم دخيلة” يلخص كل الاستراتيجية الحالية.
وعرج التقرير نحو مهرجان “موازين” المعتبر نقطة البث التي يَنقل منها الإعلام عري “النجمات” العالمية مباشرة إلى ملايين الأسر والبيوت المغربية حسب ما جاء في التقرير عينه، ومهرجان “ثويزا” بمدينة طنجة الذي أصبح منبرا يستضيف في كل دوراته ناقمين على الإسلام خصوصا، معلنين الهجوم عليه بشكل صريح وأمام عدسات الكاميرات.
وأكد تقرير جماعة العدالة والإحسان أن النسخة الأخيرة منه سنة 2019 تميزت بالتشكيك المباشر في شخصية الرسول صلى الله عليه وسلم وبطرق استهزائية دون مراعاة لمشاعر المغاربة من قبل ناشطة تونسية اتخذت من عدائها القوي للإسلام وسيلة للشهرة.
وفي باب التربية والتعليم باعتباره المجال الأساس الذي تُمرّر من خلاله القيم والثقافة الوطنية إلى الناشئة. كانت المصادقة على القانون الإطار 51.17 في البرلمان أحد تجليات استُهداف المنظومة التربوية التعليمية المغربية على مر السنين، ” وهو قانون لا يسعى في عمقه إلى تطوير المنظومة والدخول بها إلى عوالم البحث العلمي، أو لانتشال من التصنيفات الدولية المتدنية إلى أعلى المراتب؛ بقدر ما هو سعي إلى التمكين للمد الفرنكفوني أكثر من أي وقت مضى، لضمان استمرار التبعية والولاء، ومعها ضمان استمرار الاستفادة من خيرات المغاربة وعقولهم، لأن المغرب في النهاية سوق فرنسية”، حسب التقرير دائما
واعتبر التقرير أنه “ما اعتماد اللغة الفرنسية بشكل رسمي بدءا من سنة 2019 لتدريس المواد العلمية في المدارس المغربية -خاصة في التعليم الخصوصي- إلا نموذج عملي واضح على أن أيادٍ متحكمةٍ في الدولة تسعى جاهدة للإجهاز بوتيرة متسارعة على مقومات الهوية المغربية ضدا على الإجماع الوطني الحقيقي”.
وفي الإعلام والثقافة اعتبر التقرير أن الإعلام أريد له أن يكون منصة لترويج التفاهة والرداءة باسم الفن، ومنبرا للرذيلة والدناءة باسم الانفتاح على الثقافات الأخرى، وعرّضت الملامح الثقافية والخصوصيات الاجتماعية المغربية للتشويه بالتمكين للمسلسلات الساقطة خاصة منها تلك الأجنبية المدبلجة، بدل دعم الأفلام والمسلسلات الأصيلة ودعم صناعتها، من أجل خدمة الثقافة الوطنية والدفاع عنها، وتبليغها بشتى الطرق الفنية الممكنة إلى الأجيال الناشئة أولا من أجل استيعابها، ثم إلى الخارج أيضا في إطار الإشعاع العالمي للثقافة المغربية.
وقد خلص التقرير إلى أن المشهد الثقافي المغربي مطبوع بسمات أهمها:
– غياب استراتيجية تحتكم للإجماع الوطني يزيد من صور الاعتداء على الهوية الوطنية.
– تشجيع الميوعة ومهاجمة القيم بمبررات الانفتاح، وبدعوى التلاقح مع الثقافات العالمية.
– التوظيف الفرجوي في التنفيس الداخلي والتلميع الخارجي في غياب للحرية والديمقراطية.
– الشأن الثقافي يطاله، كما مجالات أخرى، سياسة للريع، من حيث دعم المشاريع والانتقائية التي يعرفها هذا النوع من الدعم.
– غياب دعم المواهب الوازنة واحتضانها مما يقوي حضور أصحاب النفوذ وتنامي التفاهة.
– لم يتخلص المجال الثقافي هو الآخر من التوظيف السياسي والخضوع لمنطق الولاء للسلطة.
20دقيقة