اذا وقعت عينك على ما يعرف بالمدن الميتة في سوريا فلن تنسى جمالها على الإطلاق. هنا على هذه التلال السحرية النائية في شمال غربي البلاد توجد أكبر مجموعة من الكنائس على المستوى العالمي وتعود إلى القرن الرابع والقرن الخامس والقرن السادس الميلادي ، أكثر من 2000 كنيسة تنتشر على مساحة مئات الكيلومترات في مئات الحواضر التي كانت تنبض بالحياة خلال المرجلة البيزنطية الأولى.
وتمثل هذه الكنائس مرحلة الانتقال من الوثنية الرومانية إلى حماس الأيام الأولى من المسيحية، إذ تقدم أدلة فريدة عبر النقوش على الحجارة التي بُنيت بها على تأثير العمارة السورية على التطور اللاحق الذي طرأ على الطراز المعماري الروماني الأوروبي وعلى الهندسة المعمارية الدينية القوطية.
واليوم تواجه هذه الكنوز أسوة بسكان المنطقة المذكورة البالغ عددهم اكثر من ثلاثة ملايين والخطر والنسيان إلى حد كبير. كان السكان في الماضي يعيشون في بحبوحة من العيش بفضل إنتاج زيت الزيتون والنبيذ، كما يشهد على ذلك الاثار الموجودة على الحجارة. واليوم، يكسب السكان معيشتهم من بيع السجائر الذي يُعتبر موردا حيويا منذ احتدام الحرب في عام 2011.
ومن المفارقات، أن وزارة السياحة السورية قامت قبل الحرب بإطلاق اسم المدن المنسية على أثار هذه المنطقة على أمل يشجع ذلك قيام زوار حالمين مفرهين بزيارتها.
وكانت هذه المدن منسية إلى درجة أن منظمة اليونسكو لم تدرجها في قائمة الترات العالمي إلا في يونيو/حزيران عام 2011 إذ أطلقت عليها اسم القرى القديمة في شمال سوريا.