روبورتاج من إعداد:
عادل بوحجاري
عماد الدين شارف
تينيسان، جوهرة بين قمم جبال بني يزناسن ووجهة مفضلة لمحبي الرياضة الجبلية
بين القمم العليا لجبال بني يزناسن تبرز قرية تنيسان كجوهرة لامعة وضعت على قماش أخضر، واحدة من القرى العريقة بقبيلة بني منقوش اليزناسنية، ومن بين الوجهات المفضلة لدى عشاق السياحة الجبلية، وهي تابعة لجماعة عين الصفا بعمالة وجدة أنجاد.
هي التي وصفها الشاعر ابن المنطقة، أحمد اليعقوبي وقال عنها: ” لكرم والرمان، اللوز فيها دلان، جنان يشد جنان، درجة فوق درجة…” فهي تتميز بغطاء نباتي متنوع يشمل مختلف النباتات العطرية مثل الخزامى والأزير ومختلف أنواع الورود والأزهار، فضلا عن أشجار التين والزيتون واللوز والرمان، والغطاء الغابوي الكثيف الذي تكثر فيه أشجار الصنوبر. دون أن ننسى جوهاالفريدالذي يتميز ببرودة منعشة في فصل الصيف، ويزداد المشهد جمالا عندما يحل الضباب الكثيف ليغطي الأرجاء بعد العصر، مشكلا بذلك لوحة فنية تمتزج فيها خضرة الأشجار بالبياض البراق.
عندما نبحث في أصل تسمية تينيسان، فإننا ندرك للوهلة الأولى أن هذه العبارة أمازيغية الأصل، بالنظر إلى المنطقة التي تنتمي إليها هذه القرية، والمقصود بتينيسان حقيقة، ”ثيني ن سان”، والتي تعني صاحبة الخيول أو ذات الخيول، مايعني أن المنطقة، كانت منذ القدم، تحتضن مروجا من الخيول.
تتربع قرية تنيسان الجبلية وسط طبيعة خلابة تأسر القلوب، مكان يمكن فيه للزائر أن يستمتع بزرقة السماء وروعة القمم الشاهقة ومشهد يطل على واجهة البحر الأبيض المتوسط، تلتف حول القرية مجموعة من المسارات الجبلية التي تدعو محبي رياضة المشي لاكتشاف سحر وروعة المكان، فمن الضروري، وأنت تجوب هذه المسارات، أن تستوقفك مناظر خلابة تجمع بين خضرة الأشجار ورائحة النباتات الزكية وسواقي الماء العذب، وفي كل خطوة والتفاتة، لابد أن تتفتح أمام وجهك مشاهد بانورامية تمنحك الفرصة للغوص في هدوء الطبيعة وعظمتها، ما يجعل هذا المكان، ليس مجرد وجهة عادية، بل تجربة تنتظر كل عاشق للجمـال الطبيعي.
تحتوي تينيسان على مجموعة من المرافق التي تشجع السائح على اختيارها كوجهة مفضلة، إذ تحتضن مطعما يقدم وجبات تقليدية متنوعة، فضلا عن بيوت للكراء لمن أراد أن يقضي ليلة هادئة وسط الجبال، كما يمكن التوجه إليها من وجدة عبر طريق جبلية معبدة، والأمر نفسه بالنسبة للقادمين من مدينتي بركان وأحفير.
من الأساطير : العروس الممسوخة
في طريقك إلى تنيسان انطلاقا من مدينة وجدة، قد تلاحظ مشاهد متنوعة للقمم الجبلية الشامخة التي رسمتها الطبيعة وشكلت معالمها مع مرور الزمن، لكن المثير في هذه المناظر، مشهد العروس الممسوخة التي تقف وراء العريس الذي يبدو وكأنه يرتدي سلهاما.
إننا هنا، نتحدث عن حكاية ترويها لنا الجبال وتخط أحداثها حجارة شاءت الأقدار أن تتشكل بتلك الطريقة، تختلف الروايات، لكن بطلة القصة، هي عروس انتهى بها الزمن لأن تتشوه خلقتها وتتعرض إلى تحول سحري غير من ملامحها، وتقول الأسطورة، إن اللعنة التي أصابت العروس، سببها نظرة العريس لها قبل موعد الزواج، إذ من المفترض أن تغطي عن وجهها ولا تكشفه للعريس إلا بعد الزواج، لتمسخ في الحين وتتعرض للعقاب الفوري.
هي إذن أسطورة تناقلتها الأجيال ولازالت تحكى على طرف اللسان، روايات متعددة، قد تختلف بعض تفاصيلها، إلا أن موضوعها مرتبط الحشمة والوقار مقابل الخطيئة والعقاب.