إن تنامي بعض الظواهر الاجتماعية كالسرقة والاغتصاب والرشوة… ما هو إلا دليلا قطيعا على أن الوضع داخل المجتمع المغربي ليس على ما يرام، بل يؤكد بالملموس انهيار القيم الاخلاقية والانسانية، نتيجة اندثار الروابط الاجتماعية بين أفراد المجتمع، فجل الأسر تعيش تفككا خطيرا، لعوامل اجتماعية واقتصادية؛ كالطلاق والفقر والجهل والأمية بكل أشكالها، بالإضافة إلى مواقع التواصل الاجتماعي التي قطعت حبل الأسرة وأصبح الكل يعيش في عالم خاص به، فالأسرة تعد أهم خلية داخل النظم الاجتماعية، والتي تتفرع منها باقي الخلايا، فإذا هدمت البيت الأسري كأن هدمت البيت المجتمعي.
أما المدرسة فقد فقدت الكثير من هيبتها التربوية والتعليمية، والعنف المتبادل بين الأساتذة والمتعلمين كفيل بإعطاء صورة واضحة عن هذه الخلية الثانية المهمة، كيف تحولت من فضاء التعلم والتكوين إلى فضاء العنف وتبادل الاتهامات بين كافة المتدخلين في العملية التعليمية التعلمية.
فالمدرسة اليوم أصبحت حقلا للتجارب وإرضاء أطراف خارجية امبريالية استعمارية ولو على حساب المجتمع، فجل الباحثين التربويين الذين يجمعون على أن المنظومة التعليمية التربوية أفلست، ولم تعد قادرة على إنتاج جيل مهاراتي مندمج في الحياة بشكل ميسر، نتيحة التدبير العشوائي المبني على مصالح خاصة لبعض الأفراد، مع العلم ان مشكل التعليم واضح كوضوح الشمس، لا يحتاج إلى كثرة المجالس والبرامج التي تنتج كلام عميق ولى عليه الزمن.
باالإضافة الى تدهور الأسرة والمدرسة نجد مؤسسات التربوية أخرى كدور الشباب التي فقدت بريقها منذ التسعنيات من القرن الماضي، إذ لم تفرز قيادات جمعية قادرة على مواكبة التطور الحاصل في مختلف المجالات،فالعالم اليوم يسير بسرعة جنونية.
وأصبح الكل يفهم في التأطير التربوي الموجه للأطفال والشباب، والنتيحة لا شيء سوى العنف الممارس داخل الفضاءات العامة، وملاعبنا خير صورة على التأطير التربوي. فدور الشباب أصبحت بناية لا تقدم أي منتوج التربوي الفني الحقيقي كفيل بإعطاء شباب مفعمين بحيوية والأخلاق، وهذا الفراغ ساهم في تكوين أطر خالية من كل محتوى تربوي، وهذا ما يشاهد داخل المخيمات الصيفية التي أصبحت فضاء تبيح كل شيء ما عدا التربية والقيم الإنسانية.
يعتبر الإعلام حلقة مهمة في التنشئة الاجتماعية، بل مؤثر قوي في سلوكاتالأفراد، لكن على ما يبدو للكثيرين أن إعلامنا يغرد خارج السرب بأعماله وبرامجه التي ليس لها أي هدف سوى تصريف التفاهة وتكوين جيل تافه، بعيد عن قضاياه المهمة، فإذا كانت كل هاته المؤسسات لا تلي أهمية إلى التربية والتنشئة الاجتماعية، القادران على تكوين أفراد صالحين لذواتهم ولوطنهم -إذن يا ترى من سيتكلف بالتربية ؟- فالجواب سيكون هو الشارع الذي أضحى مركز التنشئة الاجتماعية بالدرجة الأولى نظرا للتفاعل الواسع بين جميع الفئات العمرية والطبقية، وهنا تكمن خطورة الشارع، باعتباره يضم الصالح والطالح، بالإضافة إلى مواقع التواصل والأنترنت بصفة عامة خاصة بعض الأباء والأمهات لا يرقبون أبناءهم في هذا الصدد، بمعنى الكل تخلى عن التربية التي هي العمود الفقري لكل مجتمع، وفسح المجال للخارجين عن القانون يعبثون كيفما شاءوا.
ان المتأمل في المجتمع المغربي، سيذهل من هول الأحداث الإجرامية التي تتفاقمت بشكل مرعب في الآونة الأخيرة، فالظواهر الاجتماعية من سرقة واغتصاب ودعارة … على ما يبدو تطبعنا معها، كأننا في غابة. فرغم المجهودات الأمنية والقضائية الذين يسعون جاهدا في محاربة كل أشكال العنف، لكن هاته المجهودات تبقى لوحدها غير كافية وقاصرة في ظل غياب وعي حقيقي يؤطر الخارجين عن القانون بأساليب تربوية إلى جزاءات.فجل أبحاث علم الاجتماع النفسي، تؤكد على أن تفاقم الظواهر الاجتماعية في مجتمع ما؛ مؤشر على خلل في نظم المجتمع، وجب تداركها قبل فوات الآوان . وأمام هذا الوضع المزري، فالسؤال المطروح الآن ،هو كيف ستتعامل اللجنة المكلفة بإعداد تصور للمشروع التنموي الجديد في ظل انهيار القيم الأخلاقية التي تعد المحرك الأساس في كل عمل؟، فلا يمكن بناء مجتمع متماسك وقوي ومندمج في جميع الإصلاحات المرسومة دون قيم أخلاقية إنسانية، فالدولة بكل أطيافها ملزمة بالتفكير الجدي من أجل إيجاد حل لمعضلة التربية، فجل المواثيق تؤكد أن الدولة هي المسؤولة عن رعاية مصالح الناس في إطار تعاقد وميثاق أخلاقي.ومن بين الإصلاحات المقترحة التي قد تغير من واقعنا:إصلاح المنظومة التربوية والتعليميةإصلاح المنظومة الاعلاميةبناء دور الشباب والثقافة في الأحياءالإعتناء بالأسرة المغربيةالحد من ظاهرة الفقر والتهميشالاهتمام بالطفولة والشبابإدراج الثقافة الجنسية ضمن المناهج التعليمية…
20دقيقة/خالد الشادلي،