شدّد أحمد عبادي، الأمين العام للرابطة المحمدية للعلماء، على أن إحداث “مركز مصالحة” مبعثه الاقتناع بالدور الفعال الذي سيلعبه في مكافحة التطرف العنيف، وأيضا تأهيل نزلاء المؤسسات السجنية وتأهيلهم بما يجعلهم يتخلون عن أفكارهم وتوجهاتهم المتطرفة وينبذون العنف ويسلكون مسلك الوسطية والاعتدال.
وأوضح الأمين العام للرابطة المحمدية للعلماء، اليوم الإثنين، خلال الحفل الافتتاحي للنسخة الثالثة عشرة من برنامج “مصالحة” 13 نونبر 2023 بالسجن المحلي سلا، أن افتتاح برنامج مصالحة الخاص بفئة النزلاء المدانين بموجب قانون مكافحة الإرهاب، جاء استجابة لرغبتهم في إعادة تأهيلهم بما يمكنهم من إعادة الاندماج في المجتمع بعد الإفراج.
وأضاف أن النسخة الحالية التي أعلن انطلاقتها اليوم الإثنين، تأتي في سياق خاص مرتبط “بإحداث مركز مصالحة” الذي تم الإعلان عنه بموجب اتفاقية شراكة الموقعة بتاريخ 02 نونبر 2023، وذلك تنفيذا للتعليمات الملكية السامية للملك محمد السادس، حيث يعتبر هذا المركز تتويجا للبرنامج التأهيلي مصالحة الذي دام لمدة 07 سنوات، ورسملة لهذه التجربة الرائدة وإضفاء المزيد من الفعالية على الشراكة المؤسساتية القائمة بين القطاعات المعنية للمساهمة في إنجاح واستمرارية هذا البرنامج الفريد.
وأشار عبادي، إلى أن هذا المركز يهدف إلى المساهمة في استكمال الجهود المبذولة في إطار الاستراتيجية الوطنية لمحاربة الإرهاب والتطرف وتعميق التجربة التي راكمتها المملكة المغربية في هذا المجال، وصياغة برامج خاصة بالوقاية من مخاطر السقوط في التطرف العنيف، وإحداث نظام لليقظة واتخاذ التدابير الممكنة لحماية المحيط الأسري المباشر من خطر تبني الأفكار المتطرفة، بالإضافة إلى تنظيم دورات تكوينية وندوات ولقاءات علمية وإعداد والنشر الدراسات والأبحاث العلمية والمساهمة والمشاركة في الندوات واللقاءات والمؤتمرات ذات صلة بأهداف المركز.
وتابع أنه ليس من شك في أن الاستمرار في تنفيذ برنامج مصالحة والرفع من عدد المستفيدين منه سنويا مرده بالأساس الى نجاح البرنامج وتحقيقه للأهداف المرجوة منه، حيث تم تنظيم 12 دورة من البرنامج منذ انطلاقه سنة 2017، شارك فيه 279 نزيلا، ينضاف إليهم 22 نزيلا المشاركين في هذه الدورة 13، وبه يصل عدد المشاركين 301، وفي إطار مقاربة النوع استفادت 12 نزيلة من البرنامج وأفرج عنهن جميعهن، وتم بتاريخ 07 يوليوز 2023 إعلان سجون خالية من النساء المتابعات بموجب قانون مكافحة الإرهاب.
وأكد عبادي، على أن الهدف من هذا البرنامج التأهيلي هو تمكين النزلاء من التعبير عما أصبحوا عليه من وعي بضرورة إصلاح ما اقترفوه في حق أنفسهم وفي حق دينهم ومجتمعهم وعبروا عن ذلك من خلال استعدادهم للانفتاح على تصورات جديدة، وعن إرادتهم في إعادة الاندماج الفعلي والحقيقي في المجتمع من خلال إجراء مصالحة حقيقية مع الذات ومع الدين ومع المجتمع.
وأفاد أن هذا البرنامج التأهيلي، سيخضع لتقييم مستمر من أجل معرفة مدى انخراط النزلاء، فيه مع اتخاذ الإجراءات الملائمة في الحالات التي يتبين فيها عدم التفاعل الإيجابي مع أنشطته وعدم احترام الشروط التي انبنى عليها ترشيحهم للمشاركة فيه، بحسب تعبير العبادي، الذي أكد على أن برنامج “مصالحة” هو -كما كان من قبل- برنامج تأهيلي يمكّن النزلاء المعنيين من إصلاح ذواتهم وإعادة تأهيل أنفسهم.
ونبّه عبادي، إلى أن البرنامج التأهيلي الذي سيتفيد منه النزلاء يقوم على مفهوم أساسي وهو مفهوم المصالحة، وذلك من خلال أبعاد مصالحة النزلاء مع ذواتهم من خلال إكسابهم كفاءات معرفية وسلوكية تمكنهم من إعادة بناء ذواتهم؛ ومصالحتهم مع النص الديني من خلال العودة إلى الفهم الصحيح لتعاليمه وروحه المبنية على الاختلاف والتسامح والانفتاح، واكتساب المعارف الضرورية لفهم النص الديني من داخل المرجعية الدينية للمملكة؛ ومصالحتهم مع المجتمع وذلك بإكسابكم المهارات والكفاءات الضرورية لاستغلال أنسب لما تتوفرون عليه من قدرات ومؤهلات، في إطار بناء مشروع ذاتي أو مجتمعي لا يسعى فقط إلى تحقيق الاستقلالية المادية، وإنما يرمي أيضا إلى تسخير القدرات الذاتية لخدمة المحيط الاجتماعي بما يحقق المصالحة مع المجتمع.
وارتباطا بما سبق، يتضمن البرنامج شقا هاما يتعلق بالضمانات الأساسية التي أتى بها دستور 2011، فيما يخص احترام حقوق الانسان وحمايتها والنهوض بها، والغرض من بيان هذه الضمانات هو تقريب النزلاء مما هيئه لهم بلدهم من أجل تأهيلهم لاندماج فعلي وحقيقي واستغلال طاقاتهم لإعادة بناء المستقبل في إطار ممارسة كاملة للمواطنة الصحيحة والحقة، يقول العبادي.
وأشار إلى أنه سيتم أيضا تخصيص حصص من أجل التذكير بالمقتضيات الخاصة بمكافحة التطرف والإرهاب في المواثيق الدولية وفي التشريع الوطني، وباقي القوانين المنظمة للحياة العامة التي تهدف إلى الحماية وليس العقاب.
جدير بالذكر، أن الحفل الافتتاحي للنسخة الثالثة عشرة من برنامج “مصالحة”، عرف حضور كل من المندوب العام لإدارة السجون وإعادة الإدماج، ورئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان، ومنسق مؤسسة محمد السادس لإعادة إدماج السجناء.