تتزامن الدورة الـ29 للمعرض الدولي للنشر والكتاب هذه السنة مع تخليد المجلس الوطني لحقوق الإنسان لعشرينية إحداث هيئة الإنصاف والمصالحة.
ويروم المجلس، من خلال فعاليات هذه الدورة، تعريف زوار رواقه وزوار المعرض عموما بمقومات التجربة المغربية المتفردة في مجال العدالة الانتقالية، وأهم الإصلاحات التشريعية والدستورية والتراكمات التي تحققت من خلالها، وتحفيز النقاش والفكر وتقاسم وجهات النظر مع المبدعين والكتاب والمجتمع المدني والطلبة والأطفال.
كما يتوخى المجلس توسيع دائرة الاحتفاء بتجربة العدالة الانتقالية بالمغرب، وتجديد انخراط الفاعل الوطني لوضع أسس ممارسات جديدة، ومسار جديد في درب الوقاية من الانتهاكات واحترام الكرامة ومناهضة التمييز.
ويأخذ رواق المجلس الوطني لحقوق الإنسان زواره في سفر لاكتشاف إصدارات ومؤلفات حقوقية، والتفاعل مع خبراء وطنيين ودوليين في لقاءات وفقرات تتمحور حول تيمات تنهل من مقومات المسار والذاكرة والتاريخ والكتابات النسائية المرتبطة بجبر الضرر.
وتمتح هذه المواضيع، كذلك، من دسترة توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة، والبعد الدولي للعدالة الانتقالية والوقاية من التعذيب، ومن البحث العلمي، وكتابات البوح والشهادات، والإبداعات الأدبية المرتبطة بمسارات العدالة الانتقالية، والمسار الجديد الذي ساهمت في نحثه.
ويقارب رواق حقوق الإنسان قضايا وتحديات راهنة وأخرى ناشئة، من خلال ندوات فكرية وعلمية حضرها جامعيون ومفكرون وأدباء وحقوقيون سلطوا الضوء على عدد من المواضيع كأزمة الماء والنهوض بالتنوع الثقافي وروافد الهوية المغربية الوطنية وأولوية الحفاظ على الموروث الثقافي، علاوة على المواطنة ومشاركة الشباب وحماية حقوق الإنسان في سياق كارثة زلزال الأطلس الكبير وأولويات ورش الذكاء الاصطناعي وحقوق الإنسان.
وللتعريف بتفاعل المملكة المغربية مع المنظومة الدولية لحقوق الإنسان لدى الزوار، يحتضن رواق المجلس لقاءات مع خبراء وفاعلين حقوقيين تهدف إلى رصد أهم الإشكالات الحقوقية المطروحة دوليا واستعراض المحطات والإنجازات التي حققتها المملكة المغربية وعلى رأسها انتخابها لرئاسة مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة.
وكما جرت العادة منذ 2019، يخصص رواق المجلس الوطني لحقوق الإنسان حيزا هاما من أنشطته للأطفال ومع الأطفال، حيث سيكون لزواره موعد قار مع الأطفال من جميع جهات المملكة، للتفاعل مع تعابيرهم والإنصات إلى أصواتهم في قضايا تعنيهم وتهم مجتمعاتهم.
الإبداع الأدبي حاضر بدوره في رواق المجلس من خلال لقاءات حول إصدارات أدباء وطنيين ودوليين، تتناول قضايا إنسانية وسوسيو-سياسية معاصرة (الإبادات الجماعية، العنف السياسي، العنصرية، …) وما يترتب عنها من مآسي نفسية واجتماعية.
ويتعلق الأمر بكتابات أدبية تستحضر دور الأدب في تسليط الضوء على الماضي واستحضار معاناة الضحايا ومقاربة سبل المصالحة وتعزيز أسس العيش المشترك.
وفي هذا الصدد، كان الجمهور على موعد مع الأديبة الغابونية “إيفاه شارلين” التي حلت ضيفة على فقرة “الأدب والإبداع: ترميم وبناء المستقبل المشترك”، حيث حكت من خلال روايتها “نساء بيدي بيدي” عن معاناة وآلام النساء ضحايا الحرب بجنوب السودان اللاجئات بمخيم بيدي بيدي شمال أوغندا.
وتعتبر هذه الرواية تكريما للنساء اللائي عانين من العنف لشجاعتهن وصمودهن وقدرتهن على الكفاح وإعادة بناء أنفسهن.
كما تميزت هذه الدورة، أول أمس الأحد، بتكريم الفيلسوف السنغالي البارز بإفريقيا، سليمان البشير ديان، وذلك يومين فقط من تنصيبه عضوا مشاركا بأكاديمية المملكة المغربية.
ويقترح رواق المجلس الوطني لحقوق الإنسان بالمعرض الدولي للنشر والكتاب في الأيام المقبلة على زواره أنشطة أخرى فكرية وأدبية وتربوية تواصل تسليط الضوء على تجربة هيئة الإنصاف والمصالحة، وتحديات التكنولوجيا من منظور حقوق الإنسان، بالإضافة إلى البعد الدولي للعدالة الانتقالية بالمغرب.