يكاد المشهد العمالي المغربي لم يشهد احتقانا منذ فترات طويلة مثل ما يعرفه اليوم، فكل القطاعات العمالية شهدت احتجاجات ومطالبات بتحسين ظروف العمل والأجور، ولقد حققت بشكل كبير مبتغاها ومرادها، إلا قطاع التعليم المدرسي، الذي كان يعلق ٱمالا على نتائج الحوار الذي عرف استهلاك أكثر من سبع وعشرين محطة حوارية، تم تغليفها بالكتمان والسرية تبعا لشرط الوزارة الوصية، لكن مسودة النظام الأساسي لم تكن في مستوى تطلعات وانتظارات الشغيلة التعليمية، خصوصا إذا استحضرنا كون كل القطاعات استفادت من زيادات في الأجور، إلا القطاع التعليم المدرسي، حيث تم التحجج بكونه يضم أكبر عدد من العاملين.
وبالتالي فإن أي زيادة فهي مرهقة لميزانية الدولة، إلا أن المنطق الاقتصادي يصر بأن أكبر عدد من العمال في قطاع معين،-وهو ما يصدق على قطاع التعليم المدرسي- هو أكثر القطاعات تنشيطا للحياة الاقتصادية المحلية، حيث إن مساهماتهم وانخراطاتهم تدر على ميزانية الدولة والمؤسسات المنخرط فيها مبالغ مهمة مقارنة مع قطاعات تضم عددا أقل من المأجورين، إضافة إلى كون المنطق الديمقراطي يصر بأن أي إصلاح يقوم به الفاعل السياسي لا يكون ناجحا و لا ناجعا إلا إذا استهدف أكبر عدد من شرائح المجتمع، وعليه فإن تدبير المسألة الأجرية غاب فيها منطق الاقتصاد و منطق الديمقراطية، ليبقى التفسير الوحيد، كون قطاع التعليم المدرسي غير منظم في سلوكه الاحتجاجي، الذي يظل باهتا محتشما، وعليه بقيت أجور العاملين به مجمدة أكثر من خمس عشرة سنة اللهم إذا استثنينا زيادة من قبيل ثلاث مائة درهم مقسمة على ثلاثة أشطر، بمعنى مائة درهم لكل سنة مالية ، رغم تضاعف الأسعار، و تراجع القدرة الشرائية.
أضف إلى ذلك غلبة منطق الاقتطاع في أي تصور إصلاحي لصناديق التقاعد، حيث من المرتقب الانطلاق في صياغته السنة المقبلة، ما يجعل الشغيلة التعليمية المدرسية محصورة بين جمود الرواتب، و اقتطاعات متجددة.
طارق مرحوم