سعيد سونا *
هكذا قلناها في مقالات سابقة ، وبنطقها أرخينا شفاهنا آسفا : الجيش يستعد لنصب خيمته … ولم تمر إلا بضع أشهر حتى مر القائد صالح إلى السرعة القصوى ، والتي تفضي إلى تنزيل المخطط الثالث التآمري وفي نصه مايلي :
PLAN – C :
بعد هذا النفاق العسكري، الذي نعرفه غرب لشرق … وشمال لجنوب … وبعدما قست جوارحنا بقوارع الدهر …اضطر القايد صالح لإخراج جميع أوراقه والشروع في تنصيب خيمته، والشعار هو المقولة الشعبية الدالة ” اللعاب أحمد والرشام أحمد ” …بعدما اقتلعت حرارة الشارع الجزائري شعر القايد صالح الذي كان يظن أن الطريق سالكة عبر تنفيذ المخطط الأول ، لكن النفس الجزائري قلل من حياء الرجل و أ خرجه إلى الشمس ، فهاهو يبحث عن الخارج ليحمي ظهره في مشهدية كربونية ” لسيسي مصر ” وهاهي السعودية والإمارات ترد بلبيك لبيك المال والرز والمناشير بين يديك …
الجيش يريد أن يستمر في حكم الجزائر ، عبر انتخابات أفضت إلى حاكم في جيب القايد صالح ، وبالتالي العودة للمرحلة التي تم التحايل بها على الجميع ، باعتبار الجيش سليل الشعب الجزائري ،،،، وبما أن المستفتي على ديني مفتيه … فعبد المجيد تبون والقايد صالح … يدركان أن الإمارات ، والسعودية ، لاتريدان للشعوب العربية والإسلامية أن يصل نسيم الحرية إلى رئتيها ، ولاتريد لدولة ديمقراطية تتجلى فيها إرادة الشعب ، أن تطأ بلاد المسلمين ، فلا عجب في هذا … فلو تركت مايجري في الجزائر أن يصل مداه ،ستنتقل عدواه لامحالة لكافة الدول العربية، والمسلمة ، لتتهاوى قصور الرز على أصحابها وينجح ” الربيع العربي ” في نسخته الثانية ، بعد تحويل خذلانه إلى نصرة وخلوته إلى جلوة، لكن هناك علائق بين أنفاس الإستبداد أينما حل ، مبتغاها الاصطفاف في صف واحد عندما يتعلق الأمر بوأد إرادة الجماهير .
لكن لابد لنا من التسليم كذلك ، بأن مايجري في حراك الجزائر ، لايصل إلى مرتبة الثورة ، فلهذه الأخيرة أركان ، إن تخلف أحدها تفككت إلى زوال … فالركن الأساسي في قيام ثورة مكتملة الأركان ، هي وجود بديل بعد إزالة أي نظام عن بكرة أبيه ، وهذا للأسف ما لايوجد في الجزائر ، حيث مضى الشعب الجزائري في طريق لايدرك منتهاها … أما الركن الذي تحقق في حراك الجزائر ، هو إصرار الشعب على استئصال النظام من جذوره، بدل قطع رأسه فقط وهو مالم يحدث إلى حد اللحظة …حتى يتجنبوا ماحدث في تونس ومصر وليبيا واليمن …
فالذي يحدث في الجزائر ، عصيان مدني ، سقط في هدر الزمن ، فعامل الوقت اتضح أنه لم يكن في مصلحة فخامة الشعب الجزائري العظيم … ولهذا ترك القايد صالح الشارع فارغا للشعب ، بدون تحقيق طموحه، فمر بعد إرهاقه إلى إخراج مخططه سلما وكان سيكون دما وهو ماتم تأجيله في انتظار مخرجات الحراك…
فهل نجحت عقيدة الجيش في قتل آمال التغيير والديموقراطية كما حدث عبر التاريخ ؟ أم هي معركة فقط في حرب عاتية بين الجيش وأحرار الجزائر لم تبوح بما يعتصر في بطنها – انتهت فقرة المخطط الثالث –
كنا ندرك أن جنيرالات الجزائر لاينتجون إلا الميوعة، وإن ماحصل تحصيل حاصل فقط ، وليست نازلة طارئة على أيديولوجية العسكر … فتاريخهم منذ زمن سحيق لاينتج إلا 3 أمور :
- فرض الأمر الواقع
- وصنع الأزمات وقبر الحلول
- واغتيال بوادر التغيير في المهد
ثم دعونا نتسائل. .. من هو القايد صالح ؟ الذي أصبح فقيها دستوريا، يقرر في مصير شعب طاهر ، أنهكته فخاخ العسكر … أين جمع ركبتيه ؟ … مستواه الدراسي الرابع ابتدائي … طاعن في السن 80 سنة على خطى بوتفليقة … تاريخه كله فساد … لايفقه في الدستور ولا في لغة العقل … فهو منذ بداية الأزمة وهو يسأل متى يحين أذان صوت الرصاص ؟؟؟ ومتى تنزل الدبابات إلى الشارع ؟… عميل للإمارات والسعودية وإسرائيل … وكل أعداء الشعوب العربية التواقة للإنعتاق … فرغم وجود مخرج دستوري واضح عبر المرور على المادة 7 و 8 ، يلوح هذا الرويبضة الأرقط الجزائريين، بفزاعة الفراغ الدستوري ، ثم ينتقل بخبث إلى فزاعة التهديد بعشرية سوداء جديدة ، لمعرفته بجرح الجزائريين، أو القبول بالإستقرار المستبد … عبر التسليم بإنتخابات تأتي بإمعة ذليل في جيب الجنيرالات … ولهذا انفجرت سريرة القايد صالح عندما اقترب الشعب منه مهددا اياه بصراحة : ” إن أي إساءة للجيش الجزائري هي إساءة للجيش ” وهو كلام خطير له مابعده ، فلم يعد للجيش مايخسر غير النزول للشارع ، والوقوف في وجه الشعب ، الذي قطع أشواطا كبيرة في النيل من فسدة الجزائر ويريد المضي بحراكه المبارك إلى النهاية بمقولته المقدسة ” يتنحاو كاع ” حتى تحقيق حلم الدولة الجزائرية الديموقراطية ، التي تحتكم لقوة المؤسسات والشعب ، وتقطع مع الإستبداد الذي نال من عنفوان الجزائر وثرواتها…
وإلى الذين يبحثون عن تكثيف مغزى خطاب القايد صالح الأخير نقول لهم : أن رائحة الدم كانت حاضرة في اللغة الركيكة لهذا المتجبر الرخو ، فهو يريد أن يقول : إما القبول بالاستقرار المستبد والرجوع إلى المنازل ، أو نزول الجيش إلى الشارع والعودة لعشرية سوداء جديدة…
نعيدها مرة أخرى بدون أن يتسرب إلينا شك الفرارين من وغى المجد ، وريب الخوارين ، عندما تشتد موقعة الشعوب مع مستبديها … إن الوطن عظيم ،والحكم سقيم، والمطلب سليم ، والجواب لايزال عقيم …
فهل بمقدور فخامة الشعب الجزائري العظيم ، أن يضحي بعشرة سنوات أخرى أو أكثر ، من حياته ، وينزل للرفع من تعداد شهدائه، وفتح صدره أمام رصاص الجيش ،،،،،، وبالتالي فتح باب المجهول على سيناريوهات قاتلة، ومآلات ” الربيع العربي ” بسوريا ومصر وليبيا واليمن ؟
أم سيعود للديار مقمحا كسيفا اسيفا مسلما بمقولة ” حاكم ظلوم خير من فتنة قد تدوم ”
الجزائر الآن بين صبر ال ياسر يستدبره نصر تاريخي قد يدنو ويقترب ، وقد يجر ورائه سنين عديدة ، وبين مهلكة قد ترمي باخواننا الجزائريين إلى تخوم التيه وضياع الوطن …. واه وألف اه من ضياع الوطن !!!
إنها دسيسة أبالسة الإنس ، شواذ السعودية والإمارات ، فهم لايفترون في تمويل الزعازع، والتدني المخجل أمام رفعة اللحظة ، التي وصل إليها الشعب الجزائري العظيم، فشهوتهم للدم تتوقد كلما لمحت عيونهم أرضا قد تخضر في البلاد الإسلامية …
ولكن عندما يتكلم التاريخ ، وتتبدل الأرض غير الأرض … لايسعنا إلا الاصطفاف وراء مقولة :
- إذا جاء نهر الله بطل نهر معقل –
يتبع… إلى الجزء الثاني