صرح مولاي محمد الخليفة في سلسلة ”دروس وعبر في زمن كورونا ”لموقع pjd.ma أنه ‘صحيح أن جائحة فيروس كورونا الذي أرْعب المعمور، يحمل في طياته أخطارا صحيّة واقتصادية واجتماعية، ويخلف يوميا خسائر في الأرواح، مّما دفع الحكومات عبر العالم، لإقرار تدابير غير مسبوقة للحد من انتشاره، إلا أنه وبعيدا عن الوجه المأساوي لأزمة هذا الوباء وتداعياته المؤلمة، هناك دروس يمكن استخلاصها من هذه الجائحة، التي بدّلت الكثير من الحقائق وغيرت العديد من المسلّمات.
وأضاف الخليفة، “يصعب على الإنسان في هذا الظرف الحرِج، إحصاء دُروس جائحة كورونا وتِعدادها لأن الأمر في جوهره، مسّ بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، كل إنسان على وجه المعمور،” كما ”أنه بكل بساطة، دروس كورونا اليوم تلقّاها الإنسان مهما كان مستواه الثقافي والعلمي والفكري والمادي، وهو ما يعني أن هذه الجائحة، ساوت بين البشرية، مسجلا أنه “لا علاقة لعالمنا اليوم بما قبْل كورونا، لأن الناس في مختلف الأقطار بحكم اجتهادات الجميع، تؤكد على أهمية الدروس المستخلصة من هذه الجائحة على الصعيدين الفردي والجماعي”.
وتابع الوزير الأسبق، “اليوم اضطر أكثر من 3 مليار إنسان عبر العالم، للاحتماء بمنازلهم خِشية الإصابة بهذا الوباء، لا فرق في ذلك بين يسكن القصور والمنازل والشقق الفارهة وبين الذي يسكن في أقاصي الجبال وفي القرى النائية وهوامش المدن، أصبح الكل في سجن واحد، وهو الدرس الإنساني الذي يجعل كل واحد يُفكّر في سُبل بناء عالمي جديد.
عباءة الوطن
ويرى الخليفة، أن الدرس الأول المستخلص من هذه الجائحة، تأكد الجميع من دون استثناء، أنه ليس لنا على هذا الكوكب إلا الوطن، ولم يعد لأي إنسان على وجه هذه البسيطة غير وطنه”، مردفا “اتضح بأن الوطن هو الملاذ الأخير، وبالتالي ينبغي الانطلاق بفكر وطني من أجل تدارك الزمن والتعجيل بمعالجة مواطن العطب”.
وقال القيادي البارز بحزب الاستقلال، إن “أول ما يتعين القيام به في هذا الصدد، هو إجراء نقد ذاتي أساسي مبّني على التفكير الجماعي”، موضحا أن هذا النقد، ينبغي أن يكون من منطلق وطني لربح ما بعد عالم كورونا، وتجاوز جوانب القصور التي اعترت مسيرة الشعب المغربي خلال العقود الماضية.
بناء الإنسان
“اتضح جليًّا في ظل جائحة كورونا”، يؤكد الخليفة، أنه لا يمكن أن نفعل أي شيء من دون بناء الإنسان، وهو ما يعني أننا اليوم في أمس الحاجة، أكثر من ذِي قبل، لمخطط وطني سريع لمحاربة الفقر والهشاشة، إذ وقف الجميع على أننا نعيش جزيرة بسيطة من الغنى وسط محيطات من الفقر، مشددا على أن “جائحة كورونا ينبغي أن تشكل دافعا قويا من أجل الالتفات للفئات المقهورة والهشة في المجتمع”.
“لقد اتضح الآن، أن صحة المواطن لم تكن تحظى بالاهتمام المطلوب”، يسجل الخليفة، حيث أظهرت الجائحة هشاشة المنظومة الصحية الوطنية، وافتقادها لعدد من الأجهزة الطبية إلى جانب ضعف الموارد البشرية، منوها في المقابل، بالتضحيات التي يقوم بها الجميع من أبناء الشعب، من أطقم طبية وتمريضية وأجهزة أمنية وعسكرية وسلطات عمومية لمواجهة هذا الوباء.
نماذج مشرقة
من أبرز الدروس والعِبر التي جسدتها جائحة كورونا، التجنّد المنقطع النظير الذي أبانت عنه هذه الأطقم التي توجد في خطّ التماس لمواجهة هذا الوباء، الذي أرعب العالم بأسره، مسجلا أن من بين أهم النماذج المشرقة والصور التي ستظل موشومة في الذاكرة الجمعية للمغاربة، هي ذلك “التلاحم الوطني غير المسبوق المعبّر عنه، من طرف كافة مكونات الشعب المغربي، لمحاربة هذا العدو، المُهدّد لسلامة الصحة العامة”.
إلى ذلك، دعا القيادي بحزب علال الفاسي، إلى “إنصاف هذه الأطقم الصحية وتحسين أوضاعها المادية، عِرفاناً منّا لتضحياتهم الجسام”، مؤكدا في المقابل، أن جائحة كورونا ينبغي أن “تشكل لحظة للالتفات إلى المنظومة الصحية ببلادنا ومعالجة جوانب النقص والخصاص الذي تعتريها، فضلا عن تحقيق التوازن بين القطاع الصحي الخاص والعام بالمغرب”.