أكد رئيس جامعة القرويين، أمال جلال، أمس الجمعة بفاس، أن هذا الصرح العلمي والمعرفي لازال يؤدي دوره العلمي والتعليمي إلى اليوم بدون انقطاع أو توقف.
وأوضح السيد جلال، خلال محاضرة افتتاحية بعنوان “جامعة القرويين، إثنى عشر قرنا من الإشعاع العلمي والمعرفي”، نظمتها (مؤسسة مغرب التراث للبحث والدراسة والحفاظ على التراث المادي واللامادي المغربي)، أن هذا الدور يعود إلى إشعاع الجامعة العلمي الذي قام على انفتاحها، وعلى تنوع المنظومة العلمية لدى فقهائها وعلمائها تدريسا وتأليفا.
وأضاف أنه بفضل انفتاح جامعة القرويين، أصبحت مدينة فاس محطة أساسية في تنقل العلماء وفقهاء الأندلس والمشرق وافريقيا إلى فاس، أو منها إلى الأندلس عبر قرطبة وغرناطة واشبيلية وطليطلة، أو من فاس إلى المشرق مرورا بالقيروان والقاهرة وبغداد ودمشق ومكة والمدينة المنورة، أو من فاس إلى سيجلماسة ثم إلى تمبوكتو، أو من فاس إلى مراكش و كَاوو ثم تمبوكتو.
كما ظلت الجامعة مفتوحة لاستقبال العلماء والمتعلمين من مختلف الآفاق، وطلت تسلم الشهادات للمتخرجين منذ تأسيسها إلى اليوم من غير توقف أو انقطاع.
وأبرز في هذا الصدد، أن قدوم علماء الأندلس والمشرق إلى فاس، كان يعتبر حدثا عظيما في حياتهم يزيدهم شغفا بجامعة القرويين وتعلقا بأساتذتها وعلماها.
وبفضل جامعة القرويين والمدارس المحيطة بها، كان لفاس وقعها وإشعاعها على الغرب الإسلامي وحتى على المشرق، فقد برزت فاس كمحطة إلتقاء حضاري بين الأندلس والمشرق من جهة، والأندلس وإفريقيا، من جهة أخرى.
وأبرز المحاضر، أن جامعة القرويين ، وعلى مر القرون، جعلت مدينة فاس قبلة للتواصل المعرفي بين العلماء والفقهاء، يتبادلون فيها أفكارهم وكتاباتهم ومخطوطاتهم والتي ساهمت في رسم معالم ثقافة غنية مما خول الجامعة بفضل انفتاحها، مكانة مرموقة دوليا جعلت منها ومعها مدينة فاس محطة التقاء الفقهاء والعلماء والأدباء والأطباء والشعراء.
وأشار إلى أنه خلال إثنى عشر قرنا، عرفت فاس توافد العلماء وحج إلى جامعتها كل من يرغب في طلب مزيد من العلم والحكمة والتقوى، من أجل الظفر بمتابعة الدراسة في مجالس علمائها وفقهائها، والفوز بشرف الحصول على إجازة من علمائها، مما يفسر ، يضيف المحاضر، اهتمام الملوك الذين تعاقبوا على حكم المغرب من الأدارسة إلى العلويين بهذه المعلمة العلمية الحضارية ببذل مزيد من العطاء لجامعة القرويين ولعلمائها وطلبتها، مع اعتماد إصلاح مناهجها باعتبارها منارة إشعاع حضاري وثقافي وعلمي، تساهم في تكوين علماء يتولون تأطير الشؤون الدينية والثقافية والروحية والسياسية للبلاد.
وفي كلمة تقديمية للمحاضرة، أبرز رئيس مؤسسة مغرب التراث للبحث والدراسة والحفاظ على التراث المادي واللامادي المغربي، محمد عز العرب العمراني، أن المحاضرة تأتي بمناسبة الافتتاح الرسمي للموسم الثقافي والعلمي 2024-2025 للمؤسسة، وهي تعد الجلسة ال 88 للسنة الخامسة على التوالي في سلسلة لقاءات للبحث والتنقيب في ذاكرة فاس.
وأشار إلى أن هذه الجلسات تعتبر استمرارا للأنشطة العلمية والفكرية تخصص لمناقشة العديد من المواضيع العلمية والتاريخية والتراثية والاجتماعية والاقتصادية، هذا بالإضافة إلى النبش في ذاكرة المغرب عموما ومدينة فاس على وجه الخصوص، بهدف المحافظة على التراث المغربي الأصيل كمخزون حضاري غني وكسجل تاريخي حافل، باعتباره جزءا لا يتجزأ من الهوية المغربية، وصلة وصل بين الأجيال السابقة واللاحقة من تاريخ المغرب المجيد.