20 دقيقة
إن جهة الشرق تزخر بإمكانيات متعددة ومختلفة، غير أنها تعاني من مشاكل تؤثر على وتيرة النمو الحضري السريع كالهجرة القروية، والهجرة بين المدن، بالإضافة إلى مجموعة من التقلبات منها (إغلاق الحدود الجزائرية المغربية في عام 1994، وإغلاق منجم الفحم الحجري في جرادة سنة 2000 نظرا لاستنفاذ مخزونه بشكل نهائي، بالإضافة إلى تأثير الأزمة المالية العالمية سنة 2008 على تحويلات وتعاقب سنوات الجفاف). وقد شكل الخطاب الذي ألقاه صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده، يوم 18 مارس 2003 خلال الزيارة الرسمية لوجدة، نقطة تحول استثنائية في تاريخ مدينة وجدة، حيث أنه أسس اقتصادا جهويا جديدا يقوم على محركات النمو الجديدة التي حلت محل الأسس الاقتصادية التقليدية (الرعوية والتعدينية والحدودية). كما حددت المبادرة الملكية لتنمية جهة الشرق سلسلة من التدابير الهيكلية واسعة النطاق للتمكين من تأسيس عرض ترابي مندمج وجذاب ومستدام ومتنوع، قادر على تحسين الجاذبية الترابية وخلق دينامية حقيقية للاستثمار تمزج بين القطاعين العام والخاص في مجال الاستثمار. وتجدر الإشارة أنه في الوقت الراهن، فإن صعوبة تحقيق التنمية المحلية بجهة الشرق تكمن في طابعها الذي يتسم بالتعددية التخصصية والترابط الشبكي، وهنا لا يتعلق الأمر فقط باقتراح حلول للمشاكل أو العراقيل، ولكن قبل كل شيء يجب الحرص على ضمان صياغة الاستراتيجيات والسياسات والبرامج والمشاريع والأنشطة، وهيكلتها وتقييمها وفقًا لنهج قائم على المقاربة الحكاماتية.
وللنهوض بمدينة وجدة في كافة المجالات يتم استهداف ست أولويات وهي:
1. دينامية التنمية الاقتصادية وإنعاش الاستثمار الخاص؛
2. تقوية البنية التحتية والتحسين من ظروف عيش المواطن؛
3. التحسين من جودة النقل الحضري وتقوية النسيج الحضري؛
4. التنمية المستدامة والحفاظ على البيئة؛
5. تنظيم الفضاء العام؛6. تعزيز الحكامة الترابية.
1. تعزيز التنمية الاقتصادية وتشجيع الاستثمار الخاص:
هدفنا هو تعزيز الجاذبية الاقتصادية عبر الاستفادة من إنجازات تعديل مبادرة المركز الجهوي للاستثمار CRI ،من خلال تكثيف الجهود الترويجية لتسليط الضوء على الإمكانات الاقتصادية الجهوية وتبسيط الإجراءات الإدارية والمساطر القانونية لدعم الاستثمارات الجديدة. ولا يتمثل الهدف في تعزيز النظام الإنتاجي الجهوي فحسب، بل في خلق فرص عمل طويلة الأمد من شأنها أن تقلل من البطالة المتفشية بين عمال المنطقة (يبلغ معدل البطالة الجهوي 21.4% مقارنة بـ 13.6% على المستوى الوطني)، تدعو الضرورة لتوفير فرص عمل لخريجينا الشباب (88,134 طالبًا من جامعة محمد الأول و13,292 متدربًا في مراكز التكوين المهني).
2. تعزيز البنية التحتية والتحسين من جودة الحياة:
جهة الشرق بصدد تدشين المرحلة الأولى من ميناء الناظور الغرب المتوسط، وانتهاء الأشغال بمحطة مارشيكا ميد، واستكمال أشغال منتجع البحر الأبيض المتوسط السعيدية، فالمنطقة ستفتح مشاريعها آفاقا غنية وواعدة وتهيئ لاستقبال تدفق كبير من المقيمين والزوار الجدد (مديري المقاولات، ومسيري مراكز الخدمة المشتركة، والسياح، وما إلى ذلك). إن الجمع بين هذا الوضع الجديد و الارتفاع المتزايد في طلبات المواطنين المتعلق بجودة الحياة يفرض تدخلات واسعة النطاق على المشهد الحضري من خلال إعادة تأهيل البنى التحتية الحضرية القائمة وتعزيز معدات الهيكلة بهدف تحسين المشهد الحضري وتعزيزه. وفي ذات السياق، تدعو الضرورة إلى التكثيف من حملات التنظيف وتعميم التدخلات في جمع النفايات الصلبة والقضاء على البقع السوداء، هي من بين الإجراءات العاجلة التي يتعين اتخاذها بهدف الحفاظ على نظافة الأماكن العامة وتحسين جودة حياة الساكنة.
3. التحسين من جودة النقل الحضري وتقوية النسيج الحضري:
إن الهدف من تحسين النقل الحضري هو ضمان بدائل نقل فعالة وشاملة، في انتظار تحقق نتائج دراسة مراجعة المخطط المديري للتنقلات الحضرية، سيتم تنفيذ مبادرتين:
– المبادرة الأولى: تحسين وسائل النقل العام من خلال زيادة الأسطول وتطوير شبكة النقل العام.
– المبادرة الثانية: تحسين التنقل النشط من خلال تطوير كل من مسارات الدراجات الهوائية، والمناطق الآمنة للراجلين، مع تجويد البنية التحتية لمواقف السيارات.
4. التنمية المستدامة والحفاظ على البيئة:
تتطلب التنمية المستدامة اتباع نهج شمولي يدمج بشكل متناغم الأبعاد الاقتصادية والتخطيط الحضري والاجتماعي والبيئي، لضمان بيئة معيشية ملائمة للأجيال الحالية وتأمين بيئة صحية للأجيال القادمة. وبناء على هذه الرؤية، هناك ثلاثة إجراءات ينبغي الاشتغال عليها وفق جدول أعمال:
– إدارة الموارد الطبيعية من خلال محاولة إدارة الإجهاد المائي بشكل فعال والحفاظ على الموارد المائية من خلال إجراءين رئيسيين: تحسين توزيع المياه العذبة (المياه الجوفية والمياه السطحية)، وتعبئة المياه غير التقليدية (تحلية مياه البحر والمعالجة الثلاثية للمياه) واستخدام مياه الصرف الصحي لأغراض الري وسقي المساحات الخضراء.
– تنفيذ عملية تحويل الطاقة عبر تقنيات من شأنها العمل على تعزيز كفاءة استخدام الطاقة، لا سيما في مجال الإضاءة العمومية، وتشجيع الطاقات المتجددة (الطاقة الشمسية)، إلى جانب دعم توسيع البنية التحتية لشحن المركبات الكهربائية، ·
– تطوير البنية التحتية الخضراء من خلال صيانة المساحات العامة الخضراء قصد الحفاظ على المساحات الطبيعية التي تم إنشاؤها.
5. تنظيم الفضاء العام:
يعد تعزيز الأمن وتنظيم الفضاء العام من العوامل الأساسية لازدهار المدن، ورفاهية المواطنين في إطار دعم التنمية الحضرية المتناغمة والمستدامة، الشيء الذي يساهم في حدوث آثار نحددها في:
– التقليل من حدوث الجريمة عبر الحماية بالفيديو في المدن (تركيب كاميرات مراقبة في الشرايين الرئيسية للمدن في مرحلة أولى وتعميمها على جميع مراكز الجريمة في إجراء تكميلي).
– محاربة جميع أنواع الاختلالات كالاحتلال غير القانوني والفوضوي للملك العام (الطرق والأرصفة والساحات العامة)، في سياق الاهتمام برونق مدينة وجدة، وفكها من قبضة فوضى وتشويه المنظر العام بالأسواق والمراكز الكائنة بالمدينة، حيث شنت السلطات المحلية والأمنية حملات واسعة ولازالت تشتغل في هذا النطاق قصد تحرير ساحة عبد الوهاب من العشوائية وكسب رهان استمراية وديمومة تحرير الملك العام بهذه الساحة التي شكلت منذ عقود مضت موروثا تاريخيا وتراثيا وثقافيا للساكنة الوجدية ولطالما كانت فضاء للفرجة عبر الحلقة ومجالا زاخرا بالحركة التجارية، كما استهدفت الحملة جنبات حديقة حي القدس التي كانت تعج ببائعي المأكولات الخفيفة.
– اختيار ألوان متناسقة للبيئة العمرانية قصد استكمال معالم موحدة لمدينة وجدة من خلال اعتمادها للون “البيج”
– تشديد الرقابة على البناء لمعالجة مشكلة البناء العشوائي ودور الصفيح تفاديا لتدهور الجودة المعمارية للبيئة المبنية.
6. تعزيز الحكامة الترابية:
يشكل تعزيز الحكامة الترابية حجر الأساس لتنفيذ الأولويات الخمس المذكورة أعلاه لتحسين إدارة الشؤون العامة وضمان تنمية متكاملة وشاملة ومستدامة، وعلى طول الطريق، الاستجابة بفعالية لاحتياجات المواطنين، والهدف هنا هو بلورة خطط وبرامج ومشاريع الأطراف المساهمة في التنمية الجهوية، ومواجهة تحديات الإدارة العامة المحلية. للقيام بذلك، لا بد في هذه المرحلة الاعتماد على تقنتي التفاعل والمرونة:
– العمل بطريقة تفاعلية وتكاثف جهود مختلف الجهات الفاعلة المحلية، سواء السلطات المحلية والمؤسسات العامة والخدمات اللامركزية للدولة، من أجل العمل على المشاريع الاحتياطية، من خلال تسريع تنفيذ المشاريع الجارية حاليا وإدراج البرامج والمشاريع في خطط عملها مدروسة وقابلة للنشر في المراسلات الكاملة مع القضايا المحلية؛
– تطوير مهارة المرونة التنظيمية، والإدارة الاستباقية لبرامج التنمية، والقدرة على ضبط التدخلات منها السياسية أو البرامج أو المشاريع وفقا للأولويات المتغيرة.