غالبية سكّان المغرب ما زالوا يعانون من غياب المساواة رغم التقدم الذي أحرزته المملكة في مجال جسر هوة الفوارق الاجتماعية خلال ربع قرن الأخير، وخاصة وضعها للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية. هذا ما خلُصَ إليه تقرير حديث أنجزته منظة “Oxfam” وعمّمتْه اليوم الإثنين.
التقرير المعنون بـ”تقاسُم الثروة مع الذين يخلقونها”، الذي نُشر تزامُنا مع التحضير لتنظيم الدورة الثامنة والأربعين للمنتدى الاقتصادي العالمي “دافوس”، أشار إلى أنَّ غياب المساواة بين المغاربة يكتسي أوجُها متعددة، مثل الفروق في الأجور، والتفاوتات المجالية، وعدم المساواة في الولوج إلى الرعاية الصحية والتعليم، وغياب المساواة بين المرأة والرجل.
وقالت المنظمة إنّ هذه الفوارق تؤدّي إلى جُملة من العواقب والإشكاليات التي تعقّد الوضع أكثر، مثل الفقر والهشاشة الاجتماعية والتفاوتات الطبقية، وإن كان المغرب قد نجح في تخفيض معدّل الفقر من 15،3 في المائة، إلى 4،8 في المائة، ما بين 2001 و2014.
وأشار التقرير إلى أنّه في مقابل وجود نسبة كبيرة من الفقراء في المملكة، فإنَّ فئة قليلة هي التي تستفيد من تراكم الثروة؛ إذ إنّ ثلاثة مليارديرات مغاربة تصل ثروتهم إلى 4.5 مليارات دولار أمريكي، ويمثل حجمُ نموّ ثروتهم في سنة واحدة حجمَ استهلاك 350 ألف مواطن مغربي من الفئات الأكثر فقرا خلال الفترة الزمنية نفسِها.
تراكُم ثروات فئة قليلة من الأغنياء في المغرب، يضيف تقرير “أوكسفام”، يعكس تناقضا كبيرا في المجتمع؛ ذلك أنَّ مغربيا من اثنين يعيش بأقل من 11.589 درهما سنويا، أي ما يعادل 966 درهما شهريا، في حين إنَّ المواطنين في بعض المناطق يعيشون بـ8.678 درهما في السنة، حسب إحصائيات المندوبية السامية للتخطيط.
وخلُصت “أوكسام” في تقريرها إلى أن المجتمع المغربي يسود فيه غياب المساواة في عدد من المجالات، وهو ما يؤدّي إلى الفقر وإلى الهشاشة الاجتماعية، معتبرة أنَّ إقامة المساواة بين طبقات المجتمع تقتضي من الحكومة ومن باقي المؤسسات المعنية خلْق نظام اقتصادي يستفيد من ثماره جميع المواطنين، وليس فئة معيّنة منهم فقط.
وفيما اعترف ملك المغرب شخصيا بفشل النموذج التنموي في المغرب، وهو ما زكّته تقارير مؤسسات رسمية، مثل المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، والمندوبية السامية للتخطيط، اعتبرت المنظمة الحقوقية أنَّ ثمّة حلولا يمكن اللجوء إليها من أجل محاربة عدم المساواة في المجتمع المغربي.
ومن بين الحلول التي اقترحتْها، ضمان تقاسُم للثروة أكثر عدلا، وتيسير ولوج المرأة والشباب إلى سوق الشغل، ومكافحة الفوارق في الأجور، وفرض ضرائب عادلة، بشكل تدريجي، على القادرين على أدائها، ومكافحة التهرب الضريبي، لاستخلاص أموال لتمويل الخدمات العامّة، كالتعليم والصحة…