“شهداء قطاع الصحة”
يوم حزين بكل المقاييس بعدما افتقد الوطن ثلاثة اطباء و هم جنودنا في الصفوف الاولى يقاتلون في ساحة المعركة ليل نهار خدمة و فداء لهذا الوطن الحبيب في ظروف صعبة تعيشها بلادنا خاصة مع دخولنا المرحلة الحرجة من انتشار فيروس كورونا.
اليوم لا يمكن لأحد أن يزايد على التضحيات الجسام و الثمن الباهض الذي يؤديه اطر الصحة من أطباء و ممرضين و اداريين و مستخدمين خدمة لهذا الشعب في هذا الوقت العصيب بالذات، لقد لبوا بكل تلقائية و وطنية حقيقية نداء الوطن و الضمير المهني حاملين ارواحهم في اكفهم خدمة و حماية لهذا الشعب الذي بات يهدده الوباء و يفتك به.
كان من الممكن أن يتخلفوا عن الموعد و لهم اعذارهم في ذلك و هواجسهم _ و هي كثيرة و لا تخفى على احد_ من ظروف عمل غير مشجعة و ضعف الامكانيات و اللوجيستيك و سوء تدبير القطاع و هجرة الأدمغة و حجم التحدي أكبر عذر لهم، في وقت كانت الأموال و الرعاية تغدق على التفاهة و السياسات و البرامج الفاشلة و تسلط عليها الأضواء مع كامل الاسى و الأسف.
اليوم يسجل تاريخنا بفخر و اعتزاز أن لهذا الشعب أبناء بررة و جنودا بواسل استرخصوا حياتهم و نزلوا لميدان المعركة بعدما ودعوا ابنائهم و اقرابائهم، في الوقت الذي يمكث فيه الجميع بمنازلهم مع ابنائهم مطمئنين مرتاحين، و عندما حمي الوطيس اختاروا ان يكون منهم الشهداء أولا في سبيل الله و الوطن، مجسدين أروع الأمثلة في بذل النفس، و لسان حالهم يقول “نتعب ليرتاح الناس و نغامر ليأمن الناس و نموت ان اقتضى الأمر ليحيى الناس”، و بذلك استحقوا وسام الحياة (ومن احياها فكأنما احيا الناس جميعا) صدق الله العظيم، فلم و لن يتراجعوا حتى النصر و لا شيء غير النصر بإذن الله تعالى.
و بناء على ما سبق فنحن اليوم شعبا و دولة في خندق واحد مطالبون كل من موقعه و الواجبات الملقاة على عاتقه، أن لا نتخلف عن الموعد و نكون كمن يقول لمثل هؤلاء الأطر الاشاوس (اذهب أنت و ربك فقاتلا إنا ها هنا قاعدون)، بل لابد على الاقل من دعمهم و مؤازرتهم بأمور أساسية ملحة و مستعجلة:
اولا: نرد لهم التحية بأحسن منها و لا نبخسهم اشيائهم و نقدر ما يقومون به من مجهودات و تضحيات جسيمة في ظروف سفيهة، و رد التحية يكون على كافة المستويات شعبيا و رسميا و اعلاميا و ثقافيا و اجتماعيا و بشتى طرق و أساليب التحايا الحسنة.
ثانيا: نلتزم بتوصياتهم و توجيهاتهم و نطبقها حرفيا فهم أهل الاختصاص و أصحاب الكلمة الفصل في الموضوع، فهم الرائد ” والرائد لا يكذب أهله” و هو الذي يكون في مقدمة الجيش يستطلع أخبار العدو و خططه و عدته و عتاده.
ثالثا: أي تقصير او تهاون او اخلال من جانبنا هو بمثابة كشف لظهورهم و تعسير لمهامهم و تعريضهم للخطر المحدق فيكونون أول من يؤدي الثمن، خاصة مسألة الإنضباط للحجر المنزلي.
رابعا: وجب أن تؤمن لهم جميع الاجواء و الاحتياجات و تعبئ كافة الوسائل و الامكانيات لتمكينهم من أداء مهامهم على أكمل وجه تفاديا لأن لا نخسر المعركة و نفقد المزيد من الارواح لا سمح الله.
خامسا: نتوجه بأكف الضراعة دعاء لهم أن يتقبل الله سعيهم و يحفظهم و يكلل مساعيهم بالنجاح والتوفيق في مهامهم و يرحم الشهداء و يشفي المرضى و يرفع عنا و عن الإنسانية جمعاء الوباء و البلاء و يعيش العالم مرحلة جديدة في أمن و سلام و ازدهار بعدما عشنا الاستبداد و الفساد و الحرب و الدمار.
رحماللهشهدائنا
بقا_فدارك
الاستاذ بنقادى عبد الحق .محام وفاعل حقوقي و جمعوي