أي إطار للتنشيط التربوي بالمخيمات نريد؟

19 مايو 2024
أي إطار للتنشيط التربوي بالمخيمات نريد؟

احمد املاح

قد يبدو من الوهلة الأولى أن السؤال في العنوان يطرح إشكالية يمكن الإجابة عنها بشكل مباشر وسهل دون تعقيد، لكن الأمر يتجاوز ذلك بكثير، فمحاولة الإجابة تتطلب البحث بشكل جدي في كيفية ربط المتطلبات التربوية للمجتمع بعد كل تحول يشهده، مع المضامين البيداغوجية التي يتم وضعها في تكوين أطر التنشيط التربوي، هذا الربط لا يمكن أن يتحقق أولا; دون ضبط مجموعة من المفاهيم، وثانيا ; تشخيص وقراءة المتطلبات التربوية للمجتمع، وثالثا الإبداع في ترجمة هذه القراءة إلى مضامين تكوينية.

ضبط المفاهيم:

وضع هذا الشرط في المقدمة، بكونه هو المنطلق والمحدد لباقي الشروط، فالاشتغال على ضبط واستيعاب مجموعة من المفاهيم بدء من ماذا نقصد بإطار؟ وهل كل ممارس التنشيط التربوي يمكن وصفه بإطار؟، أين تنطلق صفة الإطار وأين تتوقف؟ كل هذه الأسئلة لا يمكن تجاهلها. ولعل ما نشهده من توظيف هذه الصفة في تصريف مجموعة من الممارسات التي ليس لها أي صلة بالتربية بل تناقضها وتكسرها هو نتيجة لغياب أجوبة الأسئلة. وثاني مفهوم يصادفنا في البحث; هو التنشيط التربوي؟ هل كل مادة تربوية تم اخضاعها للتنشيط كيفما كانت هو تنشيط تربوي؟، هل التنشيط دون مادة هو تنشيط تربوي؟، هل التنشيط في حد ذاته مادة تربوية؟ ,هل يخضع التنشيط لرقابة التربية؟، أم التربية التي تخضع لرقابة التنشيط حتى تكون بمردودية؟ أسئلة وأخرى تطرحها الممارسة وتستفزنا بشكل إيجابي، والعبث الذي نسجله في المخيمات التربوية من حين إلى أخر وهو ما يعتقده بعض الممارسين أنه تنشيط تربوي يجعل هذه الأسئلة مقلقة جدا، وثالث مفهوم وهو يربط كل المفهومين السابقين، هو سؤال الجهة أو الجهات المسؤولة عن الإجابة عن هذه الأسئلة؟

وأي مرجعية سنعتمدها للإجابة عن هذه الأسئلة؟  والمعبر عنها في العنوان بـــ ‘ نريد ‘فما نحن الذي نريد؟ وما مرجعيتنا؟

قراءة المتطلبات التربوية للمجتمع:

وفي هذا الصدد بالتحديد يمكننا الوقوف عند ما هي مدة صلاحية المواد في التنشيط التربوي؟ وهل هي مناسبة لكل زمان ومكان؟ وليس مطلوبا بأن تتطور بشكل مستمر في مضمونها وطرق إلقائها؟ من الطبيعي أن المجتمع يشهد تحولات ثقافية واقتصادية وسياسية نتيجة حركيته وتفاعله مع كل المستجدات الداخلية والخارجية، وبهذا انتظاراته تختلف من زمن إلى أخر، ومنها التربوية، التي يجب الاستجابة لها أو على الأقل ملامستها من باب التنشيط التربوي في كل مؤسسات التنشئة الاجتماعية التقليدية والعصرية منها.

التنشيط التربوي الذي لا يرافق مجتمعه في تحولاته ويحاول الإجابة عن إنتظاراته…سيتم إزاحته من مكانه الأصلي وهو بناء وتثمين القيم التربوية.

الإبداع في هندسة مضامين الموجهة في تكوين أطر التنشيط التربوي.

إنه الشرط الذي يتوج باقي الشروط، يمثل حلقة الوصل ما تم بين الاشتغال عليه سابقا في الضبط والقراءة، والفئة المستهدفة في التكوين، لذا يكون الإبداع هو الطريق للنجاح في تحقيق هذا الشرط، وذلك بهندسة مضامين منسجمة ومترابطة تمكن الإطار المستفيد من استيعاب ما المطلوب منه، وتطوير أدائه الذي يتضمن مجموعة من الجوانب (النفسي، الجسدي، المعرفي، العقلي، العاطفي والأخلاقي…).

مهما كانت جودة المضامين لن تجد مكانها في رصيد الإطار المستفيد، دون احترام شروط تنزيلها، بدء من الإطار المكون الذي يجب أن يكون في مستوى جودة المضمون، مكون له من المقومات الكافية لتصريف المضمون في ورشة تفاعلية وانتاجية وواقعية، وهنا أركز على الواقعية التي تنطلق من تمثل المضمون في المكون بحد ذاته، لا يمكن القبول بإطار مكون يسير ورشة لا يتوفر في أدائه التنشيط التربوي، باعتماد تقنيات حديثة ومتنوعة في تيسير المعلومة.

إن أول مرحلة للإصلاح هي الاعتراف بأعطابنا، وأعتقد أن بروز هذه الشروط ستقربنا من الإجابة عن السؤال:

أي إطار للتنشيط التربوي نريد؟

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

باستمراركم في تصفح هذا الموقع، نعتبر أنكم موافقون على استخدامنا لملفات تعريف الارتباط "الكوكيز" أو التقنيات الأخرى المماثلة لها والتي تتيح قياس نسب المتابعة وتقترح عليكم خاصيات تشغيل ذات صلة بمواقع التواصل الاجتماعي أو محتويات أخرى أو إعلانات قائمة على خياراتكم الشخصية

موافق

This will close in 0 seconds