ارتأينا الحديث عن موضوع فن إدارةالأزمات لما لاحظناه من تخبط وارتجالية عند عدد من الناس والمؤسسات في كيفية التعامل بحكمة وحنكة في ظل أزمة جائحة كورونا كوفيد 19. التي اجتاحت العالم منذ دجنبر 2019الى حد كتابة هذه السطور .يومه الأحد 19 أبريل 2020. ومازال انتشار الوباء مستمرا نسأل الله العفو والعافية و أن يرفعه عنا و عن الأمة والانسانية جمعاء.
قبل الخوض في فنيات وتقنيات التعامل مع الأزمات يجدر بنا بداية أن نقدم مجموعة من التعاريف والمفاهيم الخاصة بالأزمة وإدارة الأزمة والفرق بين الأزمة والكارثة .
فالأزمة تعتبر موقفا أو حدثا أو مجموعة من الأحداث قد تكون متوقعة او غير متوقعة تتسم بالعمق والخطورة واتساع الأثر مما يجعل من الصعوبة بمكان السيطرة على الاوضاع بالطرق والأساليب والإمكانات المعتادة فقد تتسم هذه الأحداث بتسارعها وحدتها وفي بعض الأحيان الجهل بالتطورات الناجمة عنها والإرتباك في التعامل معها خصوصا مع حدوث خسائر كبيرة.
وقد تشكل الأزمة نقطة تحول في شخصية الفرد و الجماعة كذلك.
إجمالا يمكن القول إنها احتمال حدوث ظرف مناوئ ذو تأثير على المهام وجدولة العمل والموارد و كفاءة وأداء الاشخاص . قد يمتد أثرها الى المجتمع كله في الوقت الراهن وفي المستقبل القريب والبعيد .كما نلاحظ ذلك جليا من أثر ظاهر على المواطنين وعلى المؤسسات في ظل وباء كورونا وكذلك سوف يكون هنالك أثرا لا محالة بعد انتهاء هذه الجائحة .
اما مفهوم إدارة الأزمات يعنى به الاستجابة السريعة للتحديات والأوضاع التي تنجم عن حدوث الأزمة او تلك الارهاصات التي قد تؤدي إليها من خلال وضع السياسات والإجراءات والخطط الكفيلة سواء على المستوى الشخصي او المؤسساتي او الدولة لنكون في موضع المبادرة لتلافي الأضرار المترتبة بسبب حدوثها ثم التخفيف و السيطرة على نتائجها المحتملة .
وهناك اختلاف بين الأزمة والكارثة . فالأزمة تتميز بتصاعدية المفاجأة وخسائر معنوية قد تصاحبها خسائر بشرية ومادية وممكن التنبؤ بها قبل وقوعها مع ضغط وتوتر عال على متخذي القرار وغالبا ما تكون تعليمات وانظمة المواجهة محلية وداخلية .
اما الكارثة فتتميز بخسائر بشرية ومادية كبيرة وبمفاجأة كاملة ودفعة واحدة وغالبا ما تكون أسبابها طبيعية تتميز بصعوبة التنبؤ بها . اما الضغط على متخذي القرار يتفاوت تبعا لنوع الكارثة. وتواجه الكارثة محليا وإقليميا ودوليا بمساعدات علنية وميدانية .
يتبن أن للأزمة عدة خصائص ومميزات نلخصها فيما يلي :
1 – المفاجأة مما يحدث صدمة متوالية مع استمرار الازمة .
2 – التهديد : فالازمة تعتبر تهديدا مباشرا للقيم والحاجات الاساسية للناس وللمجتمع.
3 – السرعة : تتولد عن الازمة سلسلة من المواقف المتجددة في بعض الاحيان قد تكون حادة وصادمة .
4 – الغموض : اذ ان عوامل هذه الأزمة في بعض الاحيان قد تكون غامضة غير معروفة وبالتالي لا نستطيع حصر اسبابها ومسبباتها ونتائجها الحقيقية والمتوقعة نظرا لتشابك عدد العوامل المتلاحقة في مجموعة من المواقف المتضاربة أحيانا .
وهنالك 5مراحل أساسية في دورة وتطور الأزمة :
المرحلة الاولى : مرحلة الكمون والميلاد والنشوء.
المرحلة الثانية : مرحلة النمو والاتساع والتصاعد
المرحلة الثالثة : مرحلة النضج والذروة والانفجار .
المرحلة الرابعة : مرحلة الانحسار والتقلص .
المرحلة الخامسة : مرحلة الاختفاء والقضاء على الازمة .
فالأزمة تمثل نقطة تحول جوهرية تتطلب قرارات مصيرية ومعالجة خاصة وامكانيات ضخمة لمواجهتها او لحسمها .
هي نقطة تحول تتزايد فيها الحاجة الى الفعل المتزايدة واليقظة التامة والتأهب في درجته القصوى لمواجهة الظروف الطارئة والتعامل معها بكل حكمة وحنكة .
في ظل ذلك نحن لا تحتاج فقط الى ادارة الازمة بل الإدارة بالازمة . اي معالجة الازمة على نحو يمكن من تحقيق اكبر قدر من الأهداف المنشودة والنتائج المرضية والجيدة.ولا يمكن ارضاء الجميع اثناء الازمة وانما على الاقل تكون مقاربة التصدي للازمة تأخذ بعين الاعتبار الاولويات الكبرى و الشمولية والنظرة المستقبلية لانعاكاساتها ومن ثم التخفيف ما امكن عن جميع المتضررين بخطط آنية لا تحتمل التسويف أوالتأجيل.
و ادارة الازمة تمر ب 3 مراحل مهمة واساسية :
المرحلة الاولى : الاستعداد المبكر والوقاية وهي ماقبل الازمة واثناءها .لا بد لنا ان نكون مهيئين ومستعدين اتم الاستعداد بشكل جيد للتعامل مع اية ازمة مستقبليةة إما على المستوى الشخصي أو الجماعي .
فعلى مستوى الفرد بالاستعداد النفسي والقبول بقضاء الله وقدره و أخذا بالاسباب المادية ففي الادخار فرصة لتجاوز الازمة ماديا .
اما على مستوى المؤسسات والمقاولات والدولة يجب وضع خطط قبلية تحسبا لأية ازمة مستقبلية أو كارثة من قيادة متخصصة و صندوق لمواجهة تداعيات الازمة …
المرحلة الثانية : مرحلة التعامل مع الأزمة . يجب على الجميع معرفة طرق التعامل معها من اجل احتواء الاضرار والحد منها ثم محاولة استعادة النشاط والعمل بشكل طبيعي .
المرحلة الثالثة : مرحلة ما بعد الأزمة . فما هي العبر والعظات التي علينا الاستفادة منها. وكيف نتعامل بعد مرور الأزمة .
فالأزمة درس لنا جميعا تجعلنا نكتسب خبرة في التصرف مع الأزمات مستقبلا في مختلف جوانبها .وهي مناسبة لترتيب الأولويات في حياتنا و منح القيمة والاحترام والتقدير لمن يستحق فعلا. وهي فرصة للتقرب الى الله تعالى توبة وإنابة.
وفي الختام اذكر انه في إدارة الازمة نحتاج لمقومات اساسية وضرورية منها :
- تبسيط الاجراءات وتسهيلها للمواطنين .
- تحديد الاولويات والتعامل معها
- تفويض السلطة والمهام
- الاستفادة من القوى البشرية المخلصة من جمعيات المجتمع المدني وغيرها.
- التواجد المستمر في مواقع الحدث.
- انشاء فرق ذات مهمات خاصة
- توعية المجتمع بأضرار الازمة وطرق مواجهتها او الاحتياط منها.
-وضع خطة إعلامية خاصة للازمة .
بقلم
ذ عبد الغاني بوشيخي